الخميس، 29 ديسمبر 2016

حوار في الميتافيزيقا (1)؛ م.ح.




#مد16 مشاركة في حوار
على صفحة أحد الأصدقاء، وتعليقاً على منشور حول الموضوع الإيماني، حصل نقاش تضمن الكثير من التعليقات والآراء المتباينة، اتخذ بعضها الطابع السجالي.
 شاركت بالتعليق الوارد أدناه، وأنشره على صفحتي للحفظ وكنوعٍ ربما من نرجسية الذاكرة، مع الإشارة بأن أحد المشاركين في النقاش قد قام بتفنيد بعض ما جاء في هذا التعليق، ولا أدري هل هو محق في كل ما قاله أم في البعض منه فقط..
.. أظن بأن الكثير من الموضوعات والمفاهيم (الإيمانية) قد تم التوصل إليها نتيجة الحاجة النفسية لذلك. والوعي البشري القلق، افترض حلولاً تجلب له السكينة، ثم حاول بعقله إثبات حقيقتها:
فانوجاد الإنسان في مواجهة حتمية الموت، جعله يفترض حياةً بعد الموت. (وللتوضيح، أنا لا أنفي وجود حياةٍ بعد الموت، ولا أؤكد ذلك، وربما لم يكن ذلك من أولوياتي في البحث. فأنا أعيش كما يجب أن أعيش، أو أحاول ذلك، ككائن أخلاقي لا يحق له الإضرار باحد.. وبعد ذلك ليكن ما يكون: وجود حياة ثانية أم عدم وجودها..).
والتعرض للظلم، جعلنا نفترض عدالةً بعد الموت. (وأيضاً أنا لا أنفي ولا أؤكد).
وكل ما نعجز عن تحقيقه نفترض نيله في حياة ثانية.
وبدايةً، هذا الإنسان العاقل، ربما كان الوحيد الذي طرح سؤالاً عن أصل الكون ومن أين جاء؟
افتراض وجود خالق لهذا الكون يريح، معرفياً، وكونه يمكن أن يكون تفسيراً لكل الافتراضات السابقة.
لكن السؤال العقلي، بعيداً عن الإيمان المسبق، هل هناك خالق؟
طبعاً هناك احتمالان: إما أن يكون هناك خالق. وإما ألا يكون هناك خالق.
وأظن أن كلاً من الاحتمالين، سيواجه تحديات منطقية ومترتبات لا يمكن للعقل الإجابة عنها. أو هو يستطيع الدفاع عنها بحجج متساوية، وهذا ما قال به كانط في كتابه "نقد العقل المحض" والذي يعتبر فيه بأن العقل ليس الأداة الصالحة للبحث في هذه المسائل.
أما في حال وجود علة أولى في هذا الكون، فأظن بأن الإجابة الأكثر تماسكاً حتى اليوم هي الإجابة التي قدّمها أرسطو. والعلة الأولى عند أرسطو هي علة غير خالقة: فلا شيء من لا شيء. ثم لأن الخلق من عدم تفترض تغيراً في العلة الأولى، على الأقل تغير الإرادة. فلا تعود علة أولى، ثم يجب أن يكون الكامل غير متغير ولا تتغير معرفته بتغير العالم الذي يسوده التحول الدائم.
السؤال هو: لماذا طرح الإنسان هذا السؤال؟ أظن لأن ذلك يشكل حاجة نفسية له. وبدايةً هي حاجة معرفية مرتبطة بطبيعة الإنسان المتسائل.
أما الإجابة المستوحاة من باسكال المعتمدة على قانون الاحتمالات، فلا أظن أن لها علاقة بالإيمان الحقيقي. أن أؤمن لأن ليس في ذلك خسارة، أو لأن الخسارة ستكون أقل من الخسارة في حال ثبت العكس: أي أن الخسارة في حالة الإيمان بوجود خالق، ثم تبيّن عدم صحة هذا الاعتقاد، ستكون أقل من الخسارة في حالة عدم الإيمان بوجود خالق ثم التبيّن بأن الخالق موجود.
أولاً، أظن أن هذا إيمانٌ متهافت.
ثانياً، حتى لو كان شخص غير مؤمنٍ، ثم تبيّن وجود خالق. فلِمَ تكون هناك مشكلة؟؟
هذا يذكّرني بتساؤلٍ لأمين معلوف يقول فيه: ألله الذي خلقني ضعيفاً، هل سيحاسبني على ضعفي في يومٍ من الأيام؟؟
ولنفترض بوجود إله، ولم أتمكن بعقلي من التوصل إلى ذلك. فهل سيحاسبني الله على محدودية قدرتي العقلية التي عجزت عن التوصل إلى ذلك؟
في كل الأحوال، أظن بأن الإنسان الإنسان، لن يتغير سلوكه مهما كانت الاحتمالات. (إلا في موضوع الطقوس والعبادات، والتي أعتبرها غير أساسية في هذا السياق).
الإيمان يجلب الراحة. وهذا جيد.
والإيمان قد يكون المصدر الأساسي للأخلاق عند الكثيرين. وهذا أيضاً جيد. ونجد أفلاطون يدعو إلى إقناع الناس بوجود خالق وحساب بعد الموت كنوع من التربية الأخلاقية لعموم الناس.
لكن هذا لا يوازي أيّ أهمية على مستوى الأدلة.
هذه ستبقى أحجية على مستوى العقل. وأظن أن استخدام العقل في هذا المضمار، هو نوع من الآلية الدفاعية عن إيمان سبق توصل العقل إليه. وقد يسميه البعض بالعقل التبريري وليس العقل المكتشف.
أرى أن هذا الكوكب يتسع للجميع. ولكل وجهة نظره التي يرى العالم من خلالها. ما يجمع الناس هو اشتراكهم في الإنسانية. ومن طبيعة الأمور أن يختلف الناس في قناعاتهم. لكن المرض كل المرض، هو محاولة إلغاء الآخرين. حتى لو كنت متأكداً من فكرتي، فهذا لا يبرر لي إلغاء "المخطئين".

م.ح.
28/12/2016 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق