الجمعة، 27 يناير 2017

تساؤلات فلسفية: الوعي المفارق؛ محمد الحجيري.




 تساؤلات فلسفية
يرى الفلاسفة المثاليون بأن للفكر وجوداً مستقلاً عن الجسد.
فديكارت وبرغسون يريان بأن الوعي يبقى بعد فناء الجسد.
 وإذا كان الوعي أو الفكر يبقى بعد فناء الجسد (والأصح بعد تحلل الجسد)، فهل يمكن أن ينوجد الفكر قبل تشكل الجسد؟
ليس لدى ديكارت وبرغسون إجابة عن ذلك في حدود ما أعرف.
لكن أفلاطون، زعيم المثالية، يقول بأن الفكرة سابقة لوجود الجسد: في عالم المثل.
 إذا انتقلنا من الفكر إلى التفكير، وهي الصيغة الوحيدة التي يقبل بها الظاهراتيون، فإن التفكير يكون في حالة تحوّل دائم.
ما الذي يمكن أن يبقى بعد تحلل الجسد؟
 هل هو الفكر الناجز الثابت، أم هو حالة التفكير المتحوّلة باستمرار؟ وهل يمكن للفكر الثابت أن يكون فكراً؟ أو أن يكون أي شيءٍ على الإطلاق؟
 وهل يمكن لحالة التفكير المتحولة باستمرار أن تكون مستقلة عن الجسد المتحول الذي يراقب العالم الداخلي والخارجي المتحولين باستمرار أيضاً؟
هل الوعي الثابت هو وعي حقاً؟
 وهل الوعي المتحول ممكن بعيداً عن الجسد؟ أو بعيداً عمن يقوم بفعل الوعي؟
تساؤلات وإجابات وتاريخ من الهذيان..
محمد الحجيري.
 26/1/2017

الخميس، 19 يناير 2017

ديكارت في بحثه عن اليقين الأول؛ محمد الحجيري.



ديكارت في بحثه عن يقين أوّل.
"وهل كان أرخميدس يطلب غير نقطة ثابتة، لا تتحرك، لينقل الكرة الأرضية من مكانها إلى مكان آخر، كذلك أنا فإنّه يحق لي أن أعلل النفس، بأكثر الآمال، إذا أسعفني الحظ، وعثرت على شيء ثابت لا شك فيه."
 (ديكارت، تأملات ميتافيزيقيّة)
قراءة أو وجهة نظر:
 من المعروف بأن ديكارت كان من كبار الرياضيين في القرن السابع عشر. وساءه ما رآه من عودة كل فيلسوف إلى تأسيس الفلسفة من جديد بنقضه لمسلمات الفلاسفة السابقين المنتمين إلى مدارس مختلفة.
 بينما هو يرى بأن العلوم، وتحديداً الرياضيات تنطلق من بديهيات واضحة، ثم تقوم باستخلاص استنتاجات منطقية انطلاقاً من تلك البديهيات، لا يمكن نقضها، طالما أن نقطة الانطلاق بديهية وواضحة، وطالما أن الطريقة البرهانية سليمة.
 إذاً هو في محاولته للوصول إلى البديهة الأولى غير القابلة للشك، ثم البناء عليها بمنطق صحيح، فكأنه يحاول أن يجعل من الفلسفة علماً مثل علم الرياضيات. وهو بذلك سابق على محاولة هوسرل الذي سعى طوال حياته لجعل الفلسفة علماً..
 وهذه البديهية التي سيبني عليها بناءه الفلسفي، يبدو أنه يحلو لديكارت بتشبيهها بالنقطة الثابتة التي يبحث عنها أرخميدس لينقل الأرض من مكانها: إنه الثورة أو الانقلاب الكبير الذي ربما ظن ديكارت أنه نجح في إحداثه حيث فشل أرخميدس في ذلك.
لكن هل استطاع ديكارت أن "ينقل الأرض من مكانها"؟
 أظن أن ديكارت لم يستطع إلا أن يجد النقطة الثابتة، وأن كل ما بناه على هذه البديهية قابل لنقاش فلسفي طويل: برهانه على وجود الله، ثم برهانه على وجود المادة.
 لقد بقي ديكارت داخل دائرته المقفلة التي اعتبر أنه يستطيع أن يبرهن على وجودها، حتى لو كان العالم بكامله غيرَ موجود: إنها دائرة الكوجيتو. الفكر الذاتي الذي يبرهن على وجوده حتى لو كان وحيداً ولا وجود يقيني لأي شيء آخر.. وهي الفكرة التي يبدو أنها لم تقنع هوسرل الذي اعتبر بأن هذه الذات المكتفية بذاتها، أو هذا الفكر المكتفي بذاته في دائرة الأناوحديّة، لا يمكن لها أن تكون كذلك، أي مكتفية بذاتها. فكل وعي هو وعي بشيءٍ ما.. ولو أن هذه الأنا المفكرة لو كانت وحيدة في العالم، أو لو كانت هي وحدها العالم، لكان من المستحيل عليها أن تفكر..

محمدالحجيري
18/1/2017 

إيمان باسكال



إيمان باسكال (1623ـ 1662) والحسابات الرياضيّة!!
"الله إما أن يكون أو لا يكون"
ولا يسعنا إلا الرهان
فإذا راهنت على أنه موجود وربحت، فقد ربحت كل شيء، وإذا خسرت فإنك لا تخسر شيئاً.
 أما إذا راهنت أنه غير موجود وربحت، فإنك لا تربح شيئاً، وإذا خسرت فإنك تخسر كل شيئ.
البعض يعتبر بأن رهان باسكال كان أحد الإرهاصات الأولى لفكرة النفعية وجعل الحقيقي هو المفيد.
س1: هل الرهان الأول يعتبر إيماناً؟
س22: هل حقاً أن المراهن الثاني إذا خسر فإنه سوف يخسر كل شيء؟؟

محمد الحجيري
18/1/2016 

الثلاثاء، 17 يناير 2017

السقف الوهمي

رسموا فوقه سقفاً فانحنى
ولما وقف لم يجد سقفاً
ثم صار يقف وينحني 
 حين يشاء.

15/1/2017 

الحقيقة الجمعية وتبرير الأفراد. محمد الحجيري.



الحقيقة الجمعيّة وتبرير الأفراد
أن نعشق الحقيقة ونبحث عنها ونتبنّاها حتى لو كانت مخالفة لعقيدتنا.. هذا أمرٌ كبير وطلبٌ صعب ولا يحسن القيام به إلا الكبار..
 نحن اليوم على العموم لسنا بحاجة للبحث عن الحقيقة، فـ"الحقيقة" تمتلكها الجماعات.. هي جاهزة وبديهيّة، وما يتمايز به الأفراد هو طرائقهم في توضيح وتبرير هذه ال"حقيقة". هذا هو الواقع، وهذه مشكلة. لأن الجماعات في ظنّي لا يحكمها العقل بل تحكمها المصلحة الجمعيّة والعصبيّات (التي تنمو وتوحّد إذا كانت في مواجهة "الآخر") وتحكمُها أشياءُ أخرى..
 فإذا كان الأفراد "يرِثون" هذه الحقائق عن جماعتهم لا تعود عقولهم وسائل للبحث بل أدواتٍ للتبرير والسجال العقيم.. لا يعود العقل سيّداً بل عبدٌ يشارك في موكب العصبيّات من خلال تبريراته السقيمة.
ومن هو غير ذلك "تعبااااااان"...
ما أحوجنا اليوم إلى وقفة ضمير مستمَدّةٍ من عقلٍ نيّر وسط هذه المشهديّة من العبث المجنون.
 الـ"رجاء" يفيدنا.



انتخابات رابطة الثانوي
 تعليق لا بدّ منه.
بعد ما رست عليه انتخابات الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي التي جرب بالأمس، بفوز كامل اللائحة المشكّلة من ائتلاف الأحزاب المشاركة في السلطة. وبعد التصريحات التي قرأناها للرئيس المنتظَر للرابطة، الأستاذ نزيه الجباوي، الذي يعدنا بنقل مطالب الأساتذة إلى المسؤولين. وتصريحات الأستاذ عبده خاطر الرئيس السابق للرابطة (والذي ما زال يستخدم حتى اليوم صيغة: الرابطة الحالية، عن الهيئة الإدارية السابقة)، الذي يعدنا بأن يكون نهج الرابطة الحالية استمراراً للنهج السابق، الناجح حسب رأيه، لكن الذي يتم طمس إنجازاته والتعتيم عليها. فإن السؤال البديهي الذي لا بد من طرحه أولاً هو: ما هي الخطوات التي تعدنا بها الهيئة الإدارية للرابطة في حال لم تلبِّ السلطات المعنيّة المطالب التي ستُرفع إليها، متضمّنة الحفاظ على الموقع الوظيفي للأستاذ الثانوي، واستكمال الحصول على زيادة نسبة المائة وإحدى وعشرين في المائة على رواتب عام 2011؟
 وهل هي مستعدة للتصعيد في وجه مرجعياتها السياسية؟
تدجين الرابطة:
 إضافةً إلى السؤال السابق، هناك تساؤل وتخوّف يخطر في البال، وهو التخوّف من تدجين رابطة الثانوي على مثال ما حصل مع الإتحاد العمالي العام، وذلك من خلال الموافقة على بعض المطالب المرفوعة، والتي لا يمكن توقع سقفها، لكن ربما ستكون مقبولة من الهيئة الإدارية الحالية للرابطة، للقول بأن ما يحقق مطالب الأساتذة هو رابطة موالية للسلطة السياسية، تكتفي بـ "نقل مطالب الأساتذة" للحكومة والمجلس النيابي، وبأن أسلوب التصعيد والنزول إلى الشارع، هو أسلوب عبثي لا طائل منه. وهذا في الواقع ما توحي به تصريحات خاطر والجباوي، وربما بنيّة حسنة. وبالتالي تكون النتيجة توجيه ضربةٍ قويّة إلى كل المحاولات التي تهدف إلى بناء رابطة مستقلة تمثل الأساتذة وتدافع عن حقوقهم بكل الأشكال المتاحة، كونها حقوقاً وليس مِنّة من السلطة السياسية أيّاً كانت هذه السلطة. فتترسخ صيغةٌ للرابطة تشبه الإتحاد العمالي العام الذي فرغته أطراف السلطة المعروفة بالأسماء من فعاليته المعروفة تاريخياً، ولتصبح الرابطة مثله ومثل روابط أخرى معروفةٍ ايضاً، لا تتحرك إلا حين تريد لها مرجعياتها السياسية أن تتحرك وفقاً لجدول أهداف سياسية تختاره هذه المرجعيات السياسية، ويتحول الصراع بالتالي إلى صراع بين هذه المرجعيات في من يكون المرجعية الحصرية للرابطة.
 وإذا حصل ذلك، فإنه سيكون محاولة لطمس تاريخ الإنجازات التي تحققت في القطاع الثانوي، والتي لم تتحقق يوماً إلا بفعل نضالات الأساتذة، ولكتابة تاريخ جديد يقول بأن ما يتحقق هو ما تقدمه السلطات طوعاً إلى رابطة تكتفي برفع المطالب إلى المرجعيات السياسية التي هي وحدها تقدر وتقرر ما تقدِّم وما لا تقدِّم، وتتحول الرابطة من هيئة "مشاكسة" تطالب بما تراه حقوقاً، إلى رابطة مدجّنة لا تتحرك إلا حين يُطلب منها ذلك.

محمد الحجيري.
16/1/2017 

الأربعاء، 11 يناير 2017

شذرات



التصفيق أسهل على الحشد من التفكير.

10 يناير، 2015 · 
يكفي الفلسفةَ أنها تخلخل بديهياتِنا، وتجعلُنا نعيدُ التفكير في مسلّماتنا القديمة من جديد.
 يعلمنا التفلسف أن عاداتِنا الفكريّةَ ليست يقينيّات.


الهوية والعود الأبدي
منذ أن تجمّع البحر في البحر وهو يحاول الخروج.
وكلما وصل إلى الشاطئ تراجع
حفاظاً على اسمه


اليوم، كان البحر طفلاً يحبو بمائه نحو الشاطئ. يحث الخطى بأمواجه البيضاء المتلاحقة، بينما تعاكسه الريح فلا تحظى بغير الرذاذ تعيده نحو الخلف.
 أمواجٌ بيضاء تدنو مسرعةً، ورذاذ يتراجع. كطفلً يعدو ويترك شعره للريح.


الجمعة، 6 يناير 2017

بين المانوية والإسلام: تشابه وعداوة؛ محمد الحجيري.



بين المانوية والإسلام: تشابه وعداوة.
لقد ذكرت في أكثرَ من منشورٍ سابق عن الكثير من أوجه الشبه بين المانوية والإسلام، بخاصة في موضوع العبادات ..لكن لربما كان أهم وجه للشبه، وربما للخصومة بين المانوية والإسلام هو قول ماني بأنه "الفارقليط" أو النبيّ الذي بشر به يسوع.ولقد رجّحت بأن هذه البشارة بنبيّ يأتي بعد المسيح قد وردت فعلاً في بعض الأناجيل على الأقل.
 
في إنجيل يوحنا، وهو أحد الأناجيل الأربعة المشرعة من الكنيسة، تَرِدُ هذه البشارة في أربعة مواقع، تحت اسم "المعزّي"، وهي الكلمة التي يبدو أنها قد وردت بأكثرَ من صيغةٍ حسب نسخ الترجمات القديمة أو الحديثة.المعزّي أو الفارقليط أو روح الحق أو "المنحمنا" بالسريانية أو "البرقليطس" بالرومية كما يذكر ابن إسحق.والآيات الإنجيلية التي عثرتُ عليها هي التالية:
"
إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (14، 166)
 "
بهذا كلمتكم وأنا عندكم. وأما المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كلّ شيء ويذكّركم بكلّ ما قلتُه لكم" (14، 26)
 "
ومتى جاء المعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء" (15، 26)
 "
لكني الحقّ أقول لكم أنه خيرٌ لكم أن أنطلِق،لأنه إن لم أنطلِق لا يأتيكم المعزّي، لكن إن ذهبتُ أرسلُه إليكم" (16، 7)
وجميعها تتحدث عن الأمر بمفردة "المعزّي"
 
ليس قصدي أن أثبت أن الإنجيل يعترف أو يبشر بنبيّ يأتي بعد المسيح أم لا.. لكن أردت فقط أن أقول أن هذا الأمر قدر وردت الإشارة إليه في أحد الأناجيل الأربعة المشرَّعة من الكنيسة، وأرجّح أن تكون قد وردت في أناجيل أخرى غير الأناجيل الأربعة، وإن كنت لا أجزم بذلك، لكن كل فئة حاولت أن تؤوّل هذه الإشارة بما يتوافق مع ما تراه، أو بما يعزّز وجهة نظرها.
 
المهم في الأمر على ما أظن، أن هذه الإشارة التي استند إليها ماني بقوله بأنه هو الفارقليط الذي بشّر به المسيح، بينما استند إليها المسلمون ليقولوا بأن الإنجيل قد أشار إلى النبي محمّد. (وقد أشارت إلى ذلك الآية السادسة من سورة الصف: "وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿الصف؛٦﴾" )، هذه الإشارة بالذات كانت السبب الأهم للنزاع بين الديانتين.
إنه التشابه الإشكالية بين المانوية والإسلام: فإذا كان ماني هو النبي الذي بشّر بمجيئه المسيح، فهذا يعني أن محمّداً ليس كذلك. وهذا على ما أرجّح أن يكون سبب محاربة المسلمين للمانوية، تحديداً في العصر العباسي، رغم التساهل مع الكثير من الفِرق. ورغم التقارب الكبير بين المانوية والإسلام، بل بسبب هذا التشابه.
 
السؤال هو: كيف استطاع المسلمون التعايش مع هذا "الخطر" حتى العصر العباسي؟
سليم مطر:
يذكر سليم مطر في بحث له عن المانوية، بأن اضطهادهم قد بدأ في الربع الأخير من القرن الثامن الميلادي (775م)، بينما كانت لهم مكانتهم في العصر الأموي، وقيامهم بدور كبير في تعريب الدواوين من الفارسية إلى العربية.
يقول سليم مطر "يبدو أن الفتح العربي لم يضعف المانوية , بل على العكس منحها بعض الزخم , بسبب كثرة اتباع المانوية في العراق بعد هجرة الأعداد الكبيرة منهم من الشاميين والمصريين إلى العراق بعد حكم الاعدام الذي كان قد أصدره الرومان بحقهم . ثم إن الإسلام في أول الأمر لم يكن موقفه واضحاً من المانوية , وقد اعتبرها في البدء من أديان أهل الكتاب . في العصر الأموي تمتع أتباع المانوية ببعض الحرية , خصوصاً في زمن الخليفة (الوليد الثاني -743-744)".
ثم يضيف القول بأن ما "ساعد على نشاط المانوية في العصر الأموي استخدام الكثير من اتباعها كتّاباً في الدواوين في العراق بدل المجوس الفرس , وذلك بعد قرار تعريب الدواوين في ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي , بعد أن كانت باللغة الفارسية . ويبدو أن الاستعانة بأتباع المانوية في الدواوين وسع المجال أمامهم وركز أهميتهم . (نموذج ساطع لسوء فهم المؤرخين العرب , عندما يستغرب مؤرخ » قومي ! « مثل عبد العزيز الدوري هذا التحول نحو المانوية في الدواوين الأموية , لأنه لا يدرك أن الزرادشتيين فرس ولا يتقنون غير الفارسية , أما اتباع المانوية فأنهم عراقيون فكانوا يتقنون العربية القريبة من السريانية , لغتهم الأصلية . ولهذا تم استخدامهم في عملية تعريب الدواوين) (راجع – الدوري - الجذور التاريخية للشعوبية - ص22)".
بينما "يُعتبَر الخليفة العباسي (المهدي) (775-785) , أول من أعلن الحرب ضد المانوية وجميع التيارات الفكرية المعارضة باسم مكافحة الزندقة , حتى سمي (قصاب الزنادقة) . وقد أنشأ من أجل ذلك (ديوان الزنادقة) بقيادة (عريف الزنادقة) . وكان اتباع المانوية يجبرون على المثول أمام القاضي , ثم يبصق المتهم على صورة (ماني) ويذبح طائراً , ذلك لأن المانوية تحرم ذبح الحيوان . وفي حالة رفضه التوبة فإنه يحكم بالموت. وقد اوصى المهدي ولده الهادي طالباً منه الاستمرار في محاربة المانوية , قائلاً : » إني رأيت جدك العباس في المنام قلدني سيفين وأمرني بقتل أصحاب الاثنين « . وفي أواخر العهد العباسي توسعت تهمة (الزندقة) حتى وصلت على يد الإمام الغزالي الى كل محاولة اجتهادية تخالف المذاهب السلفية وتنحرف عنها في التفسير".

ويذكر المؤرخون المسلمون أسماءً لا تحصى من المثقفين الذين اتهموا بالزندقة (المانوية) في هذه الفترة. وقد شملت هذه التهمة كتاباً وشعراء مثل : صالح ابن عبد القدوس , بشار بن برد , أبو النواس , أبو العتاهية , حماد الرواية , عبد الله بن المقفع..
محمد الحجيري
5/1/2016

الخميس، 5 يناير 2017

صناعة التاريخ بين هيغل وسارتر؛ محمد الحجيري.



#مد15
 صناعة التاريخ بين سارتر وهيغل.
هيغل: ليس الإنسان سوى وسيلة في يد التاريخ، إن التاريخ بمَكرِه يوهمه أنه صانع التاريخ غير انه لا ينفذ سوى إرادة التاريخ وفق مسار الروح المطلق.
""جان بول سارتر": الإنسان صانع التاريخ بفضل ما يتمتع به من الحرية والوعي و القدرة على الاختيار بين إمكانات متعددة، وصناعة التاريخ تستوجب استحضار الوعي و المسؤولية.
.
رأي:
الفكرة الواحدة تجعلنا نلجأ إلى كسلنا ونكتفي بالتلقي، أو بالتلقين.
 فكرتان متعارضتان، لا يكفينا اللجوء إلى كسل التلقّي.. علينا أن نختار أو أن نبحث عن جواب ثالث. (ويكون ذلك أول تطبيق لتوليفة هيغل حول جدل الفكر)
 بدايةً، إن وجود أكثر من فكرة حول نفس الموضوع، يحصننا من دوغمائية الفكرة الوحيدة الصحيحة، (أو من التطبيق السياسي والديني لفكرة الفرقة الناجية)..
 قد لا نجد الجواب الوافي، لكننا نتنبّه إلى وجود أكثر من إمكانية أو احتمال للإجابة. التوقف هنا سيكون انتظارياً وليس سكونياً أو دوغمائياً.
 بداية التعلم تكمن في التنازل عن وثوقيتنا.

محمد الحجيري
5/1/2015 

الثلاثاء، 3 يناير 2017

الحلول الوسطى.



الحلول الوسطى.
#مد16
في أوقات الأزمات يصبح الإلحاد حلاً وسطاً ومحايداً في خضمّ صراع "المؤمنين".
وتتجاوز الانتماءاتُ "الروحيةُ" الجغرافيا المادّيةَ "الكافرةَ" للأوطان، لترتبط المجاميع مباشرةً، كلٌّ بولّيه الذي يعرف جيداً طريق السماء.
 في أوقات الأزمات، لا تعترف السماء بالأرض ولا بالجغرافيا، فالروح هي المهمّة. لذلك نجد الكثير من الملحدين يلتحقون بقطار السماء ويصعد كلٌّ منهم في قطار مرجعيته الدينية فتقربّهم إلى الله زُلفى.
في أوقات الأزمات تصبح المؤسسات الدينية أنبياء كذبة.
 والناس تبحث في أوقات الأزمات عن الأنبياء الكذبة.




استطراد..
#مد16
 ما كتبته في منشور سابق بعنوان "الحلول الوسطى" مستوحىً من الحالة العامة السائدة في المنطقة واستنفار العصبيات الدينية، أو المذهبية تحديداً.
"المؤمنون" أو الذين يظنون بأن الله قد كلّفهم لنصرة قضيته في الأرض، يخترعون عدواً كونياً للبشرية: هو بُعد الناس عن الدين، ويخوضون نضالاتهم ل"هَدْيِ" الناس بالحسنى أو بالعنف غالباً.
 لكن معارك هؤلاء "المؤمنين" في ما بينهم، في مراحل الفتنة (وهو ما قصدته بالأزمات) أشد هولاً من معاركهم في مواجهة غير المتدينين ومحاولة "هدايتهم". ويصبح غير المتدين حالة محايدة: فأن تكون مؤمناً بطريقة مختلفة بالنسبة لحراس الإيمان، يحرك عصبيات أكثر عنفاً بكثير من عصبياتهم ضد "الملحدين".
 وفي حالات الفتنة، تتبع المجاميع المؤمنة زعماء الفتنة والعصبيات بما يتجاوز المناطق الجغرافية للأشخاص. وتتهمش الانتماءات الوطنية، وتغيب الرؤية الموضوعية للأمور.. لا يعود الأفراد مواطنين في دولة، هم جزء من عصبيّة مكانُها خارج الحدود، ورموزها خارج الحدود.
 وغالباً ما نرى الكثير من "العلمانيين" يهبطون من قطار علمانيتهم ليصعدوا قطار عصبياتهم وانتماءاتهم الأولية: إنه الزمن الدائري والفوضى.. إنه زمن غياب الحكمة والعقل وانتصار الغرائز البدائية.

#مد16
 إلى بعض الأطهار الذين يرشقون الجميع بالحجارة:
يظن زيتُ القنديل أنه يحرق الفتيلة.



الأحد، 1 يناير 2017

بين المشافهة والكتابة؛ محمد الحجيري.



 بين المشافهة والكتابة


من المعروف بأن كل قول، أكان شفاهياً أم كتابةً، يحاول أن ينقل حالة نفسيّةً: فكرية أو انفعالية، من وعي المرسِل إلى وعي المتلقّي.
 وهذا القول لا يمكن أن يكون شفافًاً بإطلاق. فلا يتساوى فهم المتلقي مع ما كنا نودّ قوله: بعض الأمور لا تصل، بينما بعض ما يصل إلى المتلقي لم يكن أصلاً في نيّة القائل.
 في حالة الكتابة، يبقى هذا اللَبس بين الكاتب وبين القارئ قائماً: أمور أردنا قولها لم تصل، بينما وصلت أمور لم يكن في نيّتنا قولها أصلاً.
 وكل قارئ جديد سيعيد إنتاج التباسه الخاص من خلال علاقته المباشرة مع النصّ.. وبخاصةٍ إذا كان هذا النص غنياً بقابليته للتأويل. وكل فهم هو بالتالي نوع من التأويل.
 أما في الحالة الشفاهيّة، فالمسألة في غاية الخطورة: ما نريد قوله لا يتطابق مع ما نقوله، ثم، إن ما قلناه لا يتطابق مع فهم الآخر له؛ وفي فهم القول حذف لِمعانٍ كانت مقصودة في الكلام، وإضافة فهم لم يكن الكلام يقصد قوله.
ثم يتكرّر الأمر ثانية حين ينتقل الكلام من المستمع الأول إلى المستمع الثاني.
 غياب التطابق بين ما يريد قوله وبين ما سيقوله فعلاً. ثم عدم التطابق بين ما قيل وبين ما تم فهمه من المستمع الثاني، وهكذا...
فكيف إذا كان القول قد انتقل عبر عشرات الأفهام .. بل المئات.. وخلال فترات زمانيّة عريقة في القِدم؟؟
كيف كانت ستصل إلينا أقوال المسيح مثلاً أو أرسطو أو النبي محمد أو ملحمة غلغامش؟؟
 ... كم نحن مدينون إلى سومر!!



محمد الحجيري.
1/1/2015