الثلاثاء، 5 مارس 2019

عن "الشيء في ذاته"؛ محمد الحجيري.



عن الشيء في ذاته.
محمد الحجيري.

قبل ديكارت، كان العالم موجوداً ومن البديهيات
وهذا العالم يساهم في تشكيل وعينا عنه
مع ديكارت، أصبح الوعي موجوداً. وهو الذي يسعى للبرهان على وجود العالم وعلى فهمه
مع كانط، استمرت الأولوية لوجود الوعي، أو لوجودِ قوالبِ العقل الأولية، التي تساهم في تشكيل الوعي بالعالم.
الوعي بالعالم إذاً يتشكل بناءً على شكل العقل وشروطه أو الطريقة التي يستطيع من خلالها فهم العالم.
بدايةً، كان العالم يأتي إلى العقل ليحدث وعياً يشبه العالم ذاتَه.
مع كانط، أصبح العالم يأتي إلى العقل ليحدث وعياً يشبه العقل ذاتَه. أو وعياً لم يعد يشبه العالم ذاته، بل يرتبط بقدرة العقل وطريقته في الفهم.
كان العالم يأتي إلى العقل ليحدث وعياً مطابقاً للعالم أو يمكن له أن يكون مطابقاً.
مع كانط، أصبح العقل يذهب إلى العالم ليفهمه، أو يذهب إليه ليستحضره بطريقته هو وبناء على شروطه هو، أي بناءً على شروط العقل ذاته.
لم يعد الوعي المطابق للعالم ممكناً أو في متناول الوعي. أصبح عالماً مقفلاً على كل وعي موضوعي: أصبح "شيئاً في ذاته".
أصبحنا لا نملك إلا وعينا عن العالم، أما وعي العالم كما هو فلم يعد ممكناً. لم يعد من الممكن فصل فهم العالم عن الأداة التي تقوم بهذا الفهم.
مع هوسرل، لم يعد بإمكان العقل أن يذهب إلى "اللامكان" كما كان الأمر عند ديكارت.
العقل الذي لا يجد مكاناً يذهب إليه أو موضوعاً يعقله، لن يكون عقلاً.
هوسرل يشبه كانط هنا أكثر مما يشبه ديكارت. رغم أنه انطلق بتأملات "ديكارتية".
كان كانط يعتبر بأن عقلاً بدون موضوع للتعقل هو عقل فارغ. وبأن موضوعاً بدون "تعقيل"، أو بدون أن تُفرض عليه قوالب العقل أو قوانينُه، هو نوع من الفوضى.
لكن هوسرل يذهب بجيوش العقل محاولاً هدم جدران "الشيء في ذاته" التي أقامها كانط.
يعتبر هوسرل بأن معرفة هذا الشيء في ذاته ممكنة، بل يذهب إلى القول بأن لا وجود لهذا "الشيء في ذاته"، ولا وجود إلا لما يظهر للوعي، أو للظواهر.. وبأن معرفة ماهية هذه الظواهر هي معرفة ممكنة.
يبحث هوسرل عن حدس الماهيات، أي عن وعيها مباشرةً.
نحن حين نرى طاولةً حمراء، فإننا نعي اللون الأحمر بشكل مباشر.. ونتحدث عنه، حتى لو لم نرَ إلا هذا الشيء الأحمر.
لسنا بحاجة إلى التجريد الذهني: أي لسنا بحاجة إلى أن نرى الدجاجة الحمراء والوردة الحمراء والطاولة الحمراء وغيرها من الأشياء ذات اللون الأحمر حتى نستخلص مفهوم اللون الأحمر كما كان يذهب إلى ذلك أرسطو في رده على أستاذه أفلاطون.
أفلاطون الذي كان يرى أن مثال أو فكرة اللون الأحمر سابقة في الوجود على وجود الأشياء الحمراء.
نحن نحدس اللون الأحمر مباشرة وليس كنوع من التجريد الذهني الناتج عن الصفة المشتركة للأشياء المتعددة الحمراء.
وكذلك نحن نحدس ماهيات بقية الأشياء مثل هذه الطاولة أو الكرسي أو غير ذلك.
الحواس لا تقدم لنا كل معطيات الكرسي في آن واحد.
حدس ماهية الكرسي هو حدس عقلي مباشر وليس تجريداً ذهنياً.
والتجربة الحسية لا تقدم لنا إلا الجزئيات ولا يمكن أن تكون سبباً للماهيات أو الكليات. إنه الحدس الماهوي.
يحاول هوسرل المصالحة بين الذات والموضوع في تشكيل الوعي، وهذا ما قال به كانط.
لقد حاول هدم جدار "الشيء في ذاته" لولوج ماهية الأشياء.. محاولاً تخطي حواجز كانط بين الوعي بالعالم وحقيقة ذلك العالم.
لكن إذا كان فهمي لهوسرل صحيحاً، فأظنه قد بقي أمام تلك الأسوار ولم يستطع تجاوزها.
أظن أن نقده ربما نجح في زحزحة التجريدات التي قال بها أرسطو: يمكن لنا حدس الكليات لا كنوع من التجريد الذي تقدمه التجربة الحسية بل كنوع من الحدس المباشر.
لكن أظن أنه ما زال بيننا وبين ماهية الشيء في ذاته جدران كانطية عالية ربما يستحيل تجاوزها.
يبدو أن هوسرل بتصويبه على كانط لم يصب إلا بعضاً من الإرث الأرسطي..
والله أعلم..
محمد الحجيري
5 آذار 2017

تعليق للدكتور جمال نعيم:
لقد خضت يا صديقي في موضوعاتٍ شائكة، في الحقل الذي افتتحه ديكارت، أعني به حقل الذاتيّة الذي ميّز الفلسفة الحديثة والذي حقّق قممه العاليه مع كنط ومن ثمّ مع هوسيرل الذي أسّس على ديكارت، لكن كمنطلقات وتوجّهات وليس كمضمون للمذهب الديكارتي، وقام بنقد لكنط، محاولًا تجاوزه، فلم يكتفِ بالحدس الحسي، فقال بالحدس المقولي أيضًا، أو بالأحرى بالحدس الحسي- المقوليّ. حاول هوسيرل تجاوز البنية الذهنية المجاوزة الكنطية، لكنّه، في رأيي، تابع طريقه، فقال بالأنا المحض المطلق الذي بإمكانه أن يؤسس كل موضوعيّة، متابعًا الثورة الكوبرنيقوسيّة الكنطيّة التي جعلت الأشياء تدور حول الذات لا العكس، أي دوران الذات حول الموضوع. الكوجيتو أو الأنا أفكّر، حقل الذاتيّة، الثورة الكوبرنيقوسيّة، البنية الذهنيّة المجاوزة، القوالب الذهنيّة النشطة أو الأفاهيم الفاهميّة المحضة، نشاطيّة الفاهمة، الأنا المحض المطلق... كلّها مصطلحات مفتاحيّة لإمكان السير في الطريق الوعر الذي سلكته يا صديقي. وأنا أرى أنّك كنت موفّقًا الى حدٍ كبير. فهنيئًا لك، فأنت محاربٌ من طرازٍ رفيع وتطرق موضوعات هي أشبه ما تكون بحجارة كبيرة تُرمى في المياه العقلية الراكدة ، مياهنا نحن.

شكراً لك يا دكتور جمال. شهادتك أعتز بها كثيراً.
وإن كنت أعرف أني ما زلت في طور التمرين، وربما كان سابقاً لأوانه أن أتحدث عن هوسرل.. لكن في كل الأحوال سأتراجع عن كل فهم سيتبين لي أنه غير دقيق. (م. ح)

تساؤل (دون ادعاء بخبرة فلسفية!)، ألا يجوز أن يكون الحدس الماهي للأشياء (الكرسي الأحمر مثالاً) هو حدس مباشر وآنيّ فقط فيما التجريد الذهني، المفهومي الأرسطي، هو تراكم وتفاعل الحدس الذهني للأشياء عبر الزمن؟
بطبيعة الحال، إن فهمي للكرسي الأحمر الآن هو غيره بعد حين. حتى الفوضى تصبح أكثر اتساقاً وانتظاماً في وعينا مع الوقت. (خليل الصغير)
أرسطو كان يقول بأن مفهوم "الأحمر" قد جاء كتجريد ناتج عن رؤيتي لهذا الشيء الأحمر ولذاك الشيء الأحمر ولشيء ثالث وهكذا..
وحين أتحدث عن اللون الأحمر بشكل مطلق دون أن يرتبط بموضوعٍ محدد، فإنما جاء فهمي لذلك بسبب تجريدي السابق لمفهوم الأحمر من خلال الأشياء ا
لجزئية الحمراء.
وهو بذلك كان يرد على أستاذه أفلاطون الذي كان يقول بأن اللون الأحمر كمفهوم سابق في وجوده لوجود الأشياء الحمراء.. هناك مثال الأحمر السابق لوجود الأشياء المادية.
لنأخذ مثالاً آخر.
أفلاطون يعتبر بأن القول بأن زيداً إنسان ما كان ممكناً لولا وجود مثال الإنسان في عالم المثل. زيد إنسان لأنه يشترك أو يشبه مثال الإنسان أو الفكرة الثابتة الموجودة بشكل واقعي في عالم المثل.
أرسطو يرى بأن لا وجود لمثال الإنسان السابق لوجود الأفراد.
"إنسان" ما هي إلا كلمة. لا وجود واقعياً لها قبل وجود الأشخاص.
ما يوجد في الواقع هو زيد وعمر وفلان وغيرهم.. ثم جاءت كلمة إنسان كتجريد للصفات المشتركة بين كل الأفراد.. 
الإنسان كمفهوم ليس سابقاً على وجود الأفراد. هو تجريد تم استخلاصه من الحالات الجزئية المتعددة.
هوسرل لا يرى ضرورة لهذا التعدد ثم التجريد من الخبرات المتشابهة المتعددة. لسنا بحاجة إلى أشياء متعددة حمراء لنستخلص منها فكرة اللون الأحمر. يمكن حدس ذلك مرة واحدة حتى لو لم تتعدد التجارب.
هذا إذا كان فهمي صحيحاً للمسألة المطروحة. (م. ح)

الثلاثاء، 1 مايو 2018

شذرات2

في لبنان
 الشيطان يعبد الله وقت الحاجة.

كان الله يشتكي
فقد هزمته الشياطين 
وكان يتعزّى:
 قد لا تكون نهايةَ الحرب.
14/1/17 

في لبنان، تكثر أحصنة طروادة داخل بعض الأحزاب، مع المعرفة بما في داخلها.
13/1 


أسهل طريقة لوصفِ أنفسِنا هو أن نتحدث عن العالَم.


الثلاثاء، 16 مايو 2017



قانون السببية بين الغزالي وديفيد هيوم: قراءة مقارنة.

 كان هيوم في القرن الثامن عشر أول من شكك في قانون السببية في العصر الحديث: إذا تحركت الكرةُ الحمراء حين تصطدم بها الطابة البيضاء، فليس ثمّة ما يثبت بأن الطابة البيضاء كانت سبب حركة الطابة الحمراء.
هذا يعيدنا إلى الغزالي في القرن الثاني عشر (توفِِّي عام 11111) في حديثه عن احتراق القطن كلما اقتربت منه النار.
فليس ثمّة ما يثبت بأن النار قد تسببت بإحراق القطن. بل ليست النار هي التي أحرقت القطن. السبب الوحيد هو الله.
كلما وصلت النار إلى القطن، تدخلت الإرادة الإلهية وأحرقت القطن. ويمكن بالتالي أن تصل النارُ إلى القطنِ ولا يحترق القطن.
لا يمكن إثبات امتناع وصول النار إلى القطن دون أن يحترق هذا الأخير.
بالعودة إلى هيوم: لا يمكن إثبات امتناع ثبات الطابة الحمراء بعد اصطدام الطابة البيضاء بها.
لو حللنا الطابة البيضاء، لما وجدنا حركة الطابة الحمراء ضمن ما سنستخلصه من هذا التحليل.
أين التشابه وأين الاختلاف؟
استكمالاً لما قال به هيوم، نجد أنه يبرهن على عدم وجود قانون السببية في الطبيعة، أو بشكل أدق، يحاول أن يثبت بأننا لا يمكن أن نبرهن على وجود هذا القانون كلازمة لظواهر الطبيعة.
هذا أولاً، وثانياً، هو يقول بأن توقعنا لحركة الطابة الحمراء حين ستصطدم بها الطابة البيضاء، ما هو إلا نوع من العادة الذهنية، حصلت لدينا بسبب إطراد حصول هذا التتابع.
إطراد ظواهر الطبيعة، جعلنا نتوقع أن لكل ظاهرةٍ سبباً. فالعقل يولد صفحةً بيضاء، حتى من قانون السببية.
لو تخيلنا افتراضياً أن هذا العقل البشري قد وُجِد في عالم لم تتكرر فيه ظاهرة واحدة مرتين متشابهتين، لما افترض أن لكل ظاهرةٍ سبباً.
لو تخيلنا (على طريقة كوندياك) أن خبرتي الأولى الحسية كانت رؤيتي لجسم يسقط على الأرض ويصدر إثر ذلك صوتٌ ما..
وفي المرة الثانية، تُرِك الجسم ولم يسقط.
وفي الثالثة صدر الصوت دون وجود هذا الجسم.
وفي الرابعة تُرك الجسمُ فتحرك نحو الأعلى.
وفي الخامسة تحرك بشكل منحنٍ..
في المرة السادسة، وحين يُترَك هذا الجسم، فلن يتوقع العقلُ شيئاً..
 باختصار، أظن أن هيوم حاول أن ينفي بشكل مطلق السببية كقانون حتمي، على مستوى الفطرة العقلية: ليس ثمّة قانون عقلي فطري بالسببية.
 وثانياً على مستوى العالم: ليس ثمة ما يثبت ضرورةً أن نفس الظواهر الأولى سينتج عنها حتماً الظواهر التالية. ما هي إلا ترجيحات لا يمكن البرهان عليها.
 ومن النافل هنا القولُ بأن عدم القدرة على البرهان على قانون السببية لا يعني البتة برهاناً على عدم وجودها.
هل يشبه هيوم الغزالي في موقفهما من السببية؟
الغزالي يسلم بشكل مطلق بوجود السببية، لكنه يعيدها إلى سبب أول ووحيد هو: الله.
 ويقال بأن ذلك كان لغاية تبرير المعجزات الدينية والخوارق للطبيعة المادية كإمكانية إلقاء إبراهيم في النار دون أن يحترق: لأن من يحرق هو الله وليس النار. ومن هنا جاءت نظريتُه: الحاصل عنده وليس الحاصل به: أي عند حصول الظاهرة الأولى، تتدخل الإرادة الإلهية فتحدث الظاهرة الثانية. الظاهرة الثانية حصلت إذاً عند حصول الأولى وليس بها أو بسببها. لكنه يسلم دون نقاش بوجود السبب: الله.
 الأمر مختلفٌ عند هيوم: أولاً، الهم الديني غائبٌ تماماً عنده. وبغياب السبب الأول والوحيد، لا يبقى إلا الترجيح بسبب عاداتٍ ذهنية ناتجة عن اطراد الأحداث ولا يمكن البرهان على حتميتها.
 وحتى لو كان الاطراد حتمياً وأكيداً، فهو يختلف عن السببية، التي تبقى فرضية ميتافيزيقية ومسلّمةً غير قابلة للبرهان.

(م. ح)
 2017/5/15


لا وقت لكل هذا..


قال قائلهم أغبِطُ اللهَ الذي لا يموت
وقال ثانيهِم، أُشفِقُ على إله لا يفنى ليرتاحَ من معاينة هموم الناس.
 أما الثالث فكان يشعر بالغيرةِ من إله يبدعُ بأصابعه كلَّ هذا الجمال من صلصالٍ طوعَ يديه، ثم يسبّح ذاتَه وما صنَعَتْ.


أما آخرهُم فكان يراقب نفسه ويقول:

 تُمضون أعمارَكُم تراقبون الإله ويراقبُكُم.
 الحقَّ أقول لكم: لا وقتَ لديكم لكل هذا..

(محمد الحجيري)
16 أيار 2016 


أصل الكون بين أرسطو والنص القرآني:
 هل هناك خلقٌ من عدم؟

من المعروف أن السبب الأول عند أرسطو، لم يخلق الكون.
 فالمادّة قديمة غير مخلوقة.
أما في الإسلام (وربما لدى غالبية الديانات)، فإن الإله خالقٌ للكون من عدم.
على الأقل هذا ما أظن أنه الشائع لدى غالبية الناس.
لكن خلال تتبعي لاستخدام كلمة الخلق في النصّ القرآني، تفاجأت أنني لم أجد ما يؤكّد هذه الفكرة.
 ولا أدّعي أني قد أحطت إحاطةً شاملة بالموضوع، لذلك آمل من أصحاب الرأي العارفين، المشاركة بالإضاءة على الموضوع لنستفيد من رأيهم ومعرفتهم.
بعض الآيات يتحدّث عن الخلق بشكلٍ محايد، أقصد أنها لا تتحدث عن الخلق من العدم، كما أنها لا تتحدث عن ذلك كانتقالٍ من شكلٍ من أشكال الوجود إلى شكلٍ جديد.
ومن الأمثلة عن هذه الآيات:
(والذي خلق الأزواج كُلها... ) (سورة الزخرف: 12).
(خلق السماوات والأرض بالحق) (سورة الأنعام: 73).
(سبح اسم ربك الأعلى، الذي خلق فسوّى) (سورة الأعلى: 2).
 وفي هذه الآيات لا توجد إشارة إذا كان الخلق قد تمّ من مادّة سابقة أم أن الخلق قد تمّ من عدم..
أما القسم الآخر من الآيات، فإنه يتحدّث عن الخلق، ليس كإيجاد من العدم، بل كانتقال من شكلٍ من أشكال الوجود إلى شكلٍ جديد. (لست متأكداً إذا كان الشكل الجديد هو شكل مسبوقٌ أم جديد وغير مسبوق).
من هذه الآيات:
(... كان علقة فخلق فسوى) (سورة القيامة: 38).
(أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) (سورة الكهف:37).
 (وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون، فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (سورة الحجر: 28-29).
(الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون) (سورة السجدة: 7-9).
(إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (سورة ص: 72).
(ثم كان علقة فخلق فسوّى، فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى) (سورة القيامة: 39).
(قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سوّاك رجلاً) (سورة الكهف: 37).
(خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين) (سورة النحل: 4).
(خلق كل دابة من ماء) (سورة النور: 45).
(وهو الذي خلق من الماء بشراً) (سورة الفرقان: 54).
(خلق الإنسان من نطفة... ) (سورة النحل: 4).
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً... ) (سورة الروم: 211).
وكل هذه الآيات تدلّ على أن الخلق قد تمّ انطلاقاً من مادّة سابقة كانت موجودة قبلاً: التراب صار نطفةً. الصلصال صار بشراً. الطين صار إنساناً. العلقةُ صارت ذكراً وأنثى. الماء صار دابّةً...
ـ ويرى غالب حسن الشابندر بأن "كل الآيات التي تتحدث عن خلق السماوات والأرض إنما تشير إلى ابتداعها حيث لم تكن موجودة... وهنا ملاحظة دقيقة..
 إن هذا لا يعني أن السماوات والأرض مخلوقة من عدم، بل هي مسبوقة بعدم، وفارق كبير بين المعنيين."

(محمد الحجيري)
16 أيار 2015 

الخميس، 20 أبريل 2017

خواطر؛ م.ح




وربيعٍ في عينيك أراهُ
 
رغم حبات المطر..
19/4

#فقط
وحدَه الليلُ يسمع..
ووحدَه الليل 
يدنو
يجلس قربك 
وينتظر ما تقول
 
أو ما لا تقول
18/4/

كل خصوصية تبعدك عن الإنسان
 
خصوصية طارئة.
18/4/

وكنت حزيناً
 
مثل انتظارٍ تحت المطر.
18/4/

وحين أصبح شفافاً كالبلّور
أبصِر نفسي
 
ويخطئُني الآخرون.
17/4

الزمان؟
 
انتظار بين لقاءين
يقول العاشق.
17/4

المكان لا يزول
 
والزمان لا يبقى.
17/4



الثلاثاء، 11 أبريل 2017

ما يشبه النقد الذاتي (أو حول علاقة الفلسفة بالعلم)؛ محمد الحجيري.



#مد17 : ما يشبه النقد الذاتي.
هل الفلسفة تؤسس للمستقبل أم أنها تعكس ثقافة الحاضر فقط؟ وبالتالي فإن ثقافة العصر التي أنتجت هذه الفلسفة هي التي تؤسس للمستقبل.
لقد ورد في مقابلة مع الدكتور محمد التركي قوله بأن "العصر الحديث.. عرف العديد من الأفكار والتيارات الفلسفية مثل العقلانية التي بادر بها ديكارت وتفرّعت عنها الثورتان العلمية والصناعية أو الأنوار التي تمخّضت عنها "الحرّيات وحقوق الإنسان" والثورتان الأميركية والفرنسية في القرن الثامن عشر".
لقد تبادر إلى ذهني وأنا أقرأ هذه العبارة السؤال التالي:
هل فعلاً أن الثورة العلمية والصناعية "تفرّعت" عن العقلانية الديكارتية؟
إذا كان غاليليه يعتبر من أهم الشخصيات التي ساهمت في إنتاج العلم الحديث، فلا يمكن الادعاء بأنه من "تفرعات" العقلانية الديكارتية. فهو قد وُلِد قبل ديكارت بحوالي ثلاثة عقود. (غاليليه: 1564ـ 1642م. بينما ديكارت: 1596ـ 1650م).
ومن المعروف أيضاً أن ديكارت قد توصل إلى ما توصل إليه غاليليه، ثم حين حكمت الكنيسة على غاليلية، تراجع ديكارت عن نشر كتابه عن الكون الذي توصل فيه إلى نتائج تتوافق مع ما توصل إليه غاليليه..
في كل الأحوال لا يمكن القول بأن ما توصل إليه غاليليه كان بفضل العقلانية الديكارتية.
وما ينطبق على غاليليه ينطبق أيضاً على العالم الألماني يوهانس كبلر (1571 ـ 1630م) الذي اكتشف قانون المدارات الإهليلجية للكواكب وسرعاتها المتغيرة.. بعد أن تحدث كوبرنيك عن المدارات الدائرية والسرعات الثابتة للكواكب.
ورغم الخطأ الذي وقع فيه كوبرنيك، فهو صاحب الثورة العلمية التي نزعت الأرض عن عرشها وجعلت منها كوكباً بسيطاً يطوح في الفضاء حول الشمس.
من المفيد هنا التذكير بأن كوبرنيك سبق ديكارت بأكثر من قرن من الزمن (1473ـ 1543م)
فلماذا إذاً هذا القول بأن العقلانية الديكارتية هي التي أنتجت الثورتين العلمية والصناعية؟
وهل لو صح لنا التخيل بتاريخ لا وجود فيه لديكارت، بأن تاريخ العلم كان سيكون مختلفاً؟
طبعاً من الصعب الحكم بمدى تأثير الفلسفة في العلم ومدى تأثرها به، والتي هي على الأرجح علاقةٌ جدلية. لكن أظن أحياناً ببعض المبالغات في دور الفلاسفة، ربما لأن العلماء يعملون في مختبراتهم، بينما يدبج الفلاسفة خطاباتهم حول العقلانية، تحديداً في المجال العلمي..
تساؤلات برسم أنصار الفلسفة الذين أعتبر نفسي واحداً منهم.

محمد الحجيري؛ 10/4/2017 
(عن فيسبوك)