الثلاثاء، 28 فبراير 2017

حين يكون الكون لي.



يكون هذا الكون لي حين يلامس النسيم جلدي وأشعر أني ما زلت حيّا
 يكون هذا النهر لي حين تلاطف ماؤه أقدامي في طريقها نحو البحر
وحين يغمرني هذا الكون منذ بدء التكوين وحتى ينفَخُ في الصور، يكون لي ..
في لحظةٍ ما، يمكن لهذا الكون أن يكون لنا جميعا.

1 آذار 2017 
محمد الحجيري

الخميس، 23 فبراير 2017

العقل خادماً؛ محمد الحجيري.



العقل خادماً
منذ أن توصل كانط في كتابه "نقد العقل المحض" إلى القول بأن العقل ليس الأداة الصالحة للبحث في الميتافيزيقا.. لم ياتِ أحد، حسب ما أعلم، لينقض هذا القول.
 العقل يستطيع أن يأتي ببراهين عقلية لإثبات موضوعات الميتافيزيقا، وأقصد بالتحديد مسألة الإيمان، بقدر ما يستطيع أن يأتي ببراهين تنفي هذه الموضوعات.
 الإيمان بهذه الموضوعات موجود. لكنه إيمان. قد يكون مفيداً. وقد يؤمن لصاحبه نوعاً من الراحة النفسية.. قد يكون صحيحاً، وقد يكون خاطئاً.. وفي كل الأحوال، لا يمكن الوصول إلى صحة هذا الاعتقاد بالعقل.
لكن المؤمن بهذه العقيدة يستخدم العقل للدفاع عنها.
يُستَخدَم العقلُ للدفاع عن قضايا ليس متأكداً منها.
 لماذا لا يكتفي المؤمن بعقيدة ما بالقول بأنه يؤمن بها فقط. لماذا يحاول الإثبات بأن ما يعتقده يقارب أو يفوق المعرفة العلمية؟ بل يحاول أن يثبت بأن قناعته حقيقة كونيّة. وهو في كل ذلك يسخر العقل زوراً لإثبات ما لم يتوصل إليه. (أي ما لم يتوصل إليه العقل).
لماذا نقبل أن نستخدم أرقى ما نملك ليكون شاهد زور؟
وهو شاهد زور في أكثر من ساحة.
 بدلاً من أن نستعين به ونستشيره حيث يمكن له أن يُستشار، نستخدمه كمرتزق لتبرير مواقفنا المسبَقة.. في الدين وفي السياسة وفي كل القضايا التي لا علاقة له بالتوصل إليها.

محمد الحجيري
23 شباط 2016

الخميس، 16 فبراير 2017

من أيام الجامعة: زيناتي أستاذاً؛ محمد الحجيري.


من ذكريات الجامعة: زيناتي أستاذاً.

تحيّة إلى جورج زيناتي.

يدلف جورج زيناتي غرفة الصف بتواضعه المعهود، نجلس على مقاعدنا بالقرب منه بطريقة أشبه بحلقة نقاش، نصغي إليه بشغف وانجذابٍ شديديْن، ثم يبدأ محاضرته في الفلسفة المعاصرة بطريقة سلسة تجعلك تشعر بألفة شديدة.. هي ذي الفلسفة بالغة السهولة والوضوح، فلِمَ يقولون عنها بأنها مبهمة وغامضة ومغرقة في التجريد؟؟
تكاد تشعر أنها قريبة منك قُربَ هذا الكرّاس الذي تكتب عليه.. وقليلاً كان ما نكتب..
 
لا داعيَ للكتابة، فما يقوله بالغ الوضوح والبساطة. ويربط لك الأفكار المجردة بأكثر الأشياء قرباً وعينيّة..
 
المفاجأة تكون، أننا بعد أن نفترق، وفي محاولة كتابة شيءٍ مما كان يقوله، يشعر واحدنا بالعجز عن كتابة جملة واحدة!
 
حينها، وحينها فقط، كنا ندرك قيمة الكلمات القليلة التي دوّناها خلال المحاضرة، نتعامل مع تلك الكلمات القليلة كأيقونة بالغة القيمة، ثم نحافظ عليها.
ـ فيلسوف كبير واحد ما زال حياً: هو بول ريكور. قال لنا ذات نهار. 
 
لم نكن قد سمعنا بهذا الإسم قبل ذلك.
ـ إذا كتبتَ، فدع أحداً غيرك يراجع ما كتبتَه! وإذا أردت أن تراجعَه بنفسك، فدع ذلك لليوم التالي أو بعد عدّة أيام. فلن تكتشف هفواتك إذا راجعت ذلك بعد الكتابة مباشرةً. (إحدى وصاياه لنا)
لم يكن جورج زيناتي يحيط نفسه بأبهة أو يكترث أن يكون محط اهتمام. 
كان رئيس قسم الفلسفة يجمعنا ويقول لنا: حاولوا الإفادة من الدكتور زيناتي قدر استطاعتكم..
 
الدكتور ناصيف نصّار، عميد كليّة الآداب في حينه، كان في زيارة تفقدية للفرع الخامس.. دخل إلى صفنا وقطع علينا إصغاءنا لأقوال زيناتي "البسيطة"..
قبل أن يغادر، تنحّى بنا جانباً وقال: "بهنيكم أن جورج زيناتي يعلّمكم"..
..
فاقتضى القول 

(كان ذلك منذ أكثر من عشرين سنة)